فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

قوله: {هَلْ أَتَاكَ حديث الغاشية}
قال جماعة من المفسرين: {هل} هنا بمعنى قد، وبه قال قطرب، أي: قد جاءك يا محمد {حديث الغاشية}، وهي القيامة؛ لأنها تغشى الخلائق بأهوالها.
وقيل: إن بقاء {هل} هنا على معناها الاستفهامي المتضمن للتعجيب بما في خبره، والتشويق إلى استماعه أولى.
وقد ذهب إلى أن المراد بـ: {الغاشية} هنا القيامة أكثر المفسرين.
وقال سعيد بن جبير، ومحمد بن كعب: {الغاشية} النار تغشى وجوه الكفار كما في قوله: {وتغشى وُجُوهَهُمْ النار} [إبراهيم: 50] وقيل: {الغاشية} أهل النار؛ لأنهم يغشونها ويقتحمونها.
والأوّل أولى.
قال الكلبي: المعنى إن لم يكن أتاك حديث الغاشية، فقد أتاك.
{وُجُوهٌ يومئِذٍ خاشعة} الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل ما هو؟ أو مستأنفة استئنافاً نحوّياً لبيان ما تضمنته من كون، ثم {وجوه} في ذلك اليوم متصفة بهذه الصفة المذكورة.
و{وجوه} مرتفع على الابتداء، وإن كانت نكرة لوقوعه في مقام التفصيل.
وقد تقدّم مثل هذا في سورة القيامة، وفي سورة النازعات.
والتنوين في {يومئذ} عوض عن المضاف إليه، أي: يوم غشيان الغاشية.
والخاشعة: الذليلة الخاضعة. وكل متضائل ساكن يقال له خاشع، يقال خشع الصوت: إذا خفي، وخشع في صلاته: إذا تذلل ونكس رأسه. والمراد بالوجوه هنا أصحابها.
قال مقاتل: يعني الكفار؛ لأنهم تكبروا عن عبادة الله.
قال قتادة، وابن زيد: {خاشعة} في النار.
وقيل: أراد وجوه اليهود والنصارى على الخصوص، والأوّل أولى.
قوله: {عاملة ناصبة} معنى {عاملة} أنها تعمل عملاً شاقاً.
قال أهل اللغة: يقال للرجل إذا دأب في سيره: عمل يعمل عملاً، ويقال للسحاب إذا دام برقه: قد عمل يعمل عملاً.
قيل: وهذا العمل هو جرّ السلاسل والأغلال، والخوض في النار.
{ناصبة} أي: تعبة.
يقال نصب بالكسر ينصب نصباً: إذا تعب، والمعنى: أنها في الآخرة تعبة لما تلاقيه من عذاب الله.
وقيل: إن قوله: {عاملة} في الدنيا إذ لا عمل في الآخرة، أي: تعمل في الدنيا بالكفر والمعاصي، وتنصب في ذلك.
وقيل: إنها {عاملة} في الدنيا {ناصبة} في الآخرة، والأوّل أولى.
قال قتادة {عاملة ناصبة}: تكبرت في الدنيا عن طاعة الله، فأعملها الله، وأنصبها في النار بجرّ السلاسل الثقال، وحمل الأغلال، والوقوف حفاة عراة في العرصات {فِى يوم كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] قال الحسن، وسعيد بن جبير: لم تعمل لله في الدنيا، ولم تنصب فأعملها، وأنصبها في جهنم.
قال الكلبي: يجرّون على وجوههم في النار.
وقال أيضًا: يكلفون ارتقاء جبل من حديد في جهنم، فينصبون فيها أشد ما يكون من النصب بمعالجة السلاسل، والأغلال، والخوض في النار كما تخوض الإبل في الوحل.
قرأ الجمهور: {عاملة ناصبة} بالرفع فيهما على أنهما خبران آخران للمبتدأ، أو على تقدير مبتدأ، وهما خبران له.
وقرأ ابن محيصن، وعيسى، وحميد، وابن كثير في رواية عنه بنصبهما على الحال، أو على الذم.
وقوله: {تصلى نَاراً حامية} خبر آخر للمبتدأ، أي: تدخل ناراً متناهية في الحرّ، يقال: حمي النهار، وحمي التنور، أي: اشتدّ حرّهما.
قال الكسائي: يقال: اشتدّ حمى النهار، وحموه بمعنى.
قرأ الجمهور: {تصلى} بفتح التاء مبنياً للفاعل.
وقرأ أبو عمرو، ويعقوب، وأبو بكر بضمها مبنياً للمفعول.
وقرأ أبو رجاء بضم التاء، وفتح الصاد، وتشديد اللام، والضمير راجع إلى الوجوه على جميع هذه القراءات.
والمراد أصحابها، كما تقدّم.
وهكذا الضمير {تسقى مِنْ عين ءآنية} والمراد بالعين الآنية: المتناهية في الحرّ.
والآني: الذي قد انتهى حره، من الإيناء بمعنى التأخر، يقال آناه يؤنيه إيناء، أي: أخرّه وحبسه، كما في قوله: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءانٍ} [الرحمن: 44] قال الواحدي: قال المفسرون: لو وقعت منها نطفة على جبال الدنيا لذابت.
ولما ذكر سبحانه شرابهم عقبه بذكر طعامهم فقال: {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضريع}، هو: نوع من الشوك يقال له الشبرق في لسان قريش إذا كان رطباً، فإذا يبس فهو الضريع.
كذا قال مجاهد، وقتادة، وغيرهما من المفسرين.
قيل: وهو سمّ قاتل، وإذا يبس لا تقربه دابة ولا ترعاهـ.
وقيل: هو شيء يرمي به البحر يسمى الضريع من أقوات الأنعام، لا من أقوات الناس، فإذا رعت منه الإبل لم تشبع، وهلكت هزالاً.
قال الخليل: الضريع نبات أخضر منتن الريح يرمي به البحر.
وجمهور أهل اللغة والتفسير قالوا بالأوّل، ومنه قول أبي ذؤيب:
رعى الشبرق الرّيان حتى إذا ذوي ** وعاد ضريعاً بان عنه التحايص

وقال الهذلي يذكر إبلاً، وسوء مرعاها:
وحبسن في هرم الضريع وكلها ** قرناء دامية اليدين جرود

وقال سعيد بن جبير: الضريع الحجارة.
وقيل: هو شجرة في نار جهنم.
وقال الحسن: هو بعض ما أخفاه الله من العذاب.
وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون عنده ويذلون، ويتضرّعون إلى الله بالخلاص منه، فسمي بذلك؛ لأن آكله يتضرّع إلى الله في أن يغض عنه لكراهته وخشونته.
قال النحاس: قد يكون مشتقاً من الضارع وهو الذليل، أي: من شربه يلحقه ضراعة وذلة.
وقال الحسن أيضًا: هو الزقوم.
وقيل: هو واد في جهنم، وقد تقدّم في سورة الحاقة: {فَلَيْسَ لَهُ اليوم هاهنا حَمِيمٌ وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: 35، 36]: والغسلين غير الضريع، كما تقدّم.
وجمع بين الآيتين بأن النار دركات، فمنهم من طعامه الضريع، ومنهم من طعامه الغسلين.
ثم وصف سبحانه الضريع فقال: {لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جوع} أي: لا يسمن الضريع آكله، ولا يدفع عنه ما به من الجوع.
قال المفسرون: لما نزلت هذه الآية.
قال المشركون: إن إبلنا تسمن من الضريع، فنزلت: {لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جوع} وكذبوا في قولهم هذا، فإن الإبل لا تأكل الضريع ولا تقربه.
وقيل: اشتبه عليهم أمره، فظنوه كغيره من النبات النافع.
ثم شرع سبحانه في بيان حال أهل الجنة بعد الفراغ من بيان حال أهل النار فقال: {وُجُوهٌ يومئِذٍ ناعمة} أي: ذات نعمة وبهجة، وهي وجوه المؤمنين صارت وجوههم ناعمة لما شاهدوا من عاقبة أمرهم، وما أعدّه الله لهم من الخير الذي يفوق الوصف، ومثله قوله: {تَعْرِفُ في وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم} [المطففين: 24] ثم قال: {لِّسَعْيِهَا راضية} أي: لعملها الذي عملته في الدنيا راضية، لأنها قد أعطيت من الأجر ما أرضاها، وقرّت به عيونها، والمراد بالوجوه هنا أصحابها، كما تقدّم.
{فِى جَنَّةٍ عالية} أي: {عالية} المكان مرتفعة على غيرها من الأمكنة، أو {عالية} القدر؛ لأن فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين.
{لاَّ تسمع فِيهَا لاغية} قرأ الجمهور: {لا تسمع} بفتح الفوقية، ونصب {لاغية} أي: لا تسمع أنت أيها المخاطب، أو لا تسمع تلك الوجوه.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو بالتحتية مضمومة مبنياً للمفعول، ورفع {لاغية}.
وقرأ نافع بالفوقية مضمومة مبنياً للمفعول، ورفع {لاغية}.
وقرأ الفضل، والجحدري بفتح التحتية مبنياً للفاعل ونصب {لاغية}، واللغو الكلام الساقط.
قال الفرّاء، والأخفش، أي: {لا تسمع فيها} كلمة لغو.
قيل: المراد بذلك الكذب والبهتان، والكفر قاله قتادة، وقال مجاهد: أي: الشتم.
وقال الفرّاء: {لا تسمع فيها} حالفاً يحلف بكذب.
وقال الكلبي: {لا تسمع} في الجنة حالفاً بيمين برّة ولا فاجرة.
وقال الفرّاء أيضًا: {لا تسمع} في كلام أهل الجنة كلمة تلغى؛ لأنهم لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله تعالى على ما رزقهم من النعيم الدائم، وهذا أرجح الأقوال؛ لأن النكرة في سياق النفي من صيغ العموم، ولا وجه لتخصيص هذا بنوع من اللغو خاص إلا بمخصص يصلح للتخصيص.
و{لاغية} إما صفة موصوف محذوف، أي: كلمة {لاغية}، أو نفس {لاغية}، أو مصدر، أي: {لا تسمع} فيها لغواً.
{فِيهَا عين جارية} قد تقدّم في سورة الإنسان أن فيها عيوناً، والعين هنا بمعنى العيون، كما في قوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} [التكوير: 14] ومعنى {جارية} أنها تجري مياهها، وتتدفق بأنواع الأشربة المستلذة.
قال الكلبي: لا أدري بماء أو بغيره.
{فِيهَا سُرُرٌ مرفوعة} أي: {عالية} مرتفعة السمك، أو {عالية} القدر.
{وَأَكْوَابٌ موضوعة} قد تقدّم أن الأكواب جمع كوب، وأنه القدح الذي لا عروة له.
ومعنى {موضوعة}: أنها {موضوعة} بين أيديهم يشربون منها.
{وَنَمَارِقُ مصفوفة} النمارق: الوسائد.
قال الواحدي: في قول الجميع، واحدتها نُمرقة بضم النون.
وزاد الفرّاء سماعاً عن العرب: نِمرقة بكسرها.
قال الكلبي: وسائد {مصفوفة} بعضها إلى بعض، ومنه قول الشاعر:
وإنا لنجري الكأس بين شروبنا ** وبين أبي قابوس فوق النمارق

وقال الآخر:
كهول وشبان حسان وجوههم ** على سرر مصفوفة ونمارق

قال في الصحاح: النمرق، والنمرقة وسادة صغيرة، وكذلك النمرقة بالكسر لغة حكاها يعقوب.
{وَزَرَابِيُّ مبثوثة} يعني: البسط، واحدها زربي وزربية.
قال أبو عبيدة، والفرّاء: الزرابيّ الطنافس التي لها خمل رقيق، واحدها زربية، والمبثوثة المبسوطة قاله قتادة.
وقال عكرمة: بعضها فوق بعض.
قال الواحدي: ويجوز أن يكون المعنى: أنها مفرّقة في المجالس.
وبه قال القتيبي.
وقال الفرّاء: معنى {مبثوثة} كثيرة، والظاهر أن معنى البث: التفرّق مع كثرة، ومنه: {وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلّ دَابَّةٍ} [البقرة: 164].
{أَفَلاَ ينظرون إِلَى الإبل كَيْفَ خلقت} الاستفهام للتقريع والتوبيخ، والفاء للعطف على مقدر، كما في نظائره مما مرّ غير مرّة، والجملة مسوقة لتقرير أمر البعث والاستدلال عليه، وكذا ما بعدها، وكيف منصوبة بما بعدها، والجملة في محل جر على أنها بدل اشتمال من الإبل، والمعنى: أينكرون أمر البعث، ويستبعدون وقوعه، {أفلا ينظرون إلى الإبل} التي هي غالب مواشيهم، وأكبر ما يشاهدونه من المخلوقات {كَيْفَ خلقت} على ما هي عليه من الخلق البديع من عظم جثتها، ومزيد قوّتها، وبديع أوصافها.
قال أبو عمرو بن العلاء: إنما خصّ {الإبل}؛ لأنها من ذوات الأربع، تبرك فتحمل عليها الحمولة، وغيرها من ذوات الأربع لا يحمل عليه إلاَّ وهو قائم، قال الزجاج: نبههم على عظيم من خلقه قد ذلله للصغير يقوده، وينيخه، وينهضه، ويحمل عليه الثقيل من الحمل وهو بارك، فينهض بثقل حمله، وليس ذلك في شيء من الحوامل غيره، فأراهم عظيماً من خلقه ليدلّ بذلك على توحيده.
وسئل الحسن عن هذه الآية، وقيل له: الفيل أعظم في الأعجوبة، فقال: أما الفيل فالعرب بعيدة العهد به، ثم هو خنزير لا يركب ظهره، ولا يؤكل لحمه، ولا يحلب درّه.
و{الإبل} من أعزّ مال العرب وأنفسه، تأكل النوى والقت، وتخرج اللبن.
ويأخذ الصبيّ بزمامها، فيذهب بها حيث شاء مع عظمها في نفسها.
وقال المبرد: {الإبل} هنا هي القطع العظيمة من السحاب، وهو خلاف ما ذكره أهل التفسير واللغة.
وروي عن الأصمعي أنه قال: من قرأ {خلقت} بالتخفيف عنى به البعير، ومن قرأ بالتشديد عنى به السحاب.
{وَإِلَى السماء كَيْفَ رفعت} أي: {رفعت} فوق الأرض بلا عمد على وجه لا يناله الفهم ولا يدركه العقل.
وقيل: {رفعت} فلا ينالها شيء.
{وَإِلَى الجبال كَيْفَ نصبت} على الأرض مرساة راسخة لا تميد ولا تميل، ولا تزول.
{وَإِلَى الأرض كَيْفَ سطحت} أي: بسطت.
والسطح: بسط الشيء، يقال لظهر البيت إذا كان مستوياً: سطح.
قرأ الجمهور: {سطحت} مبنياً للمفعول مخففاً.
وقرأ الحسن: بالتشديد.
وقرأ علي بن أبي طالب، وابن السميفع، وأبو العالية: {خلقت}، {ورفعت}، {ونصبت}، و{سطحت} على البناء للفاعل، وضم التاء فيها كلها.
ثم أمر سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بالتذكير فقال: {فذكر} والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، أي: فعظهم يا محمد، وخوّفهم ثم علل الأمر بالتذكير فقال: {إِنَّمَا أَنتَ مذكر} أي: ليس عليك إلا ذلك.
و{لَّسْتَ عَلَيْهِم بمسيطر} المصيطر والمسيطر بالسين والصاد: المسلط على الشيء ليشرف عليه، ويتعهد أحواله كذا في الصحاح، أي: لست عليهم بمصيطر حتى تكرههم على الإيمان، وهذا منسوخ بآية السيف.
قرأ الجمهور: {بمصيطر} بالصاد.
وقرأ هشام، وقنبل في رواية بالسين.
وقرأ خلف بإشمام الصاد زاياً.
وقرأ هارون الأعور بفتح الطاء اسم مفعول {إِلاَّ مَن تولى وكفر} هذا استثناء منقطع، أي: لكن من تولى عن الوعظ والتذكير.
{فَيْعَذّبُهُ الله العذاب الأكبر} وهو عذاب جهنم الدائم.
وقيل: هو استثناء متصل من قوله: {فذكر} أي: فذكر كلّ أحد إلا من انقطع طمعك عن إيمانه، وتولى فاستحقّ العذاب الأكبر، والأوّل أولى.
وإنما قال: {الأكبر} لأنهم قد عذبوا في الدنيا بالجوع والقحط، والقتل والأسر.
وقرأ ابن مسعود: {فإنه يعذبه الله}.
وقرأ ابن عباس، وقتادة {إلا من تولى وكفر} على أنها (إلا) التي للتنبيه والاستفتاح {إِنَّ إِلَيْنَا إيابهم} أي: رجوعهم بعد الموت.
يقال: آب يئوب: إذا رجع، ومنه قول عبيد بن الأبرص:
وكلّ ذي غيبة يئوب ** وغائب الموت لا يؤوب

قرأ الجمهور: {إيابهم} بالتخفيف.
وقرأ أبو جعفر، وشيبة بالتشديد.
قال أبو حاتم: لا يجوز التشديد ولو جاز لجاز مثله في الصيام والقيام.
وقيل: هما لغتان بمعنى.
قال الواحدي: وأما {إيابهم} بتشديد الياء، فإنه شاذ لم يجزه أحد غير الزجاج.
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حسابهم} يعني: جزاءهم بعد رجوعهم إلى الله بالبعث.
و{ثم} للتراخي في الرتبة لبعد منزلة الحساب في الشدّة عن منزلة الإياب.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: {الغاشية} من أسماء القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه: {هَلْ أَتَاكَ حديث الغاشية} قال: الساعة {وُجُوهٌ يومئِذٍ خاشعة عاملة ناصبة} قال: تعمل، وتنصب في النار {تسقى مِنْ عين ءآنية} قال: هي التي قد طال أنيها.
{لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضريع} قال: الشبرق.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضًا: {وُجُوهٌ يومئِذٍ خاشعة عاملة ناصبة} قال: يعني اليهود والنصارى تخشع، ولا ينفعها عملها.
{تسقى مِنْ عين ءآنية} قال: قد أني غليانها.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضًا في قوله: {تصلى نَاراً حامية} قال: حارّة.
{تسقى مِنْ عين ءآنية} قال: انتهى حرّها {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضريع} يقول: من شجر من نار.
وأخرج عبد بن حميد عنه أيضًا {إِلاَّ مِن ضريع} قال: الشبرق اليابس.
وأخرج ابن جرير عنه أيضًا {لاَّ تسمع فِيهَا لاغية} يقول: لا تسمع أذى ولا باطل، وفي قوله: {فِيهَا سُرُرٌ مرفوعة} قال: بعضها فوق بعض.
{وَنَمَارِقُ} قال: مجالس.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضًا: {وَنَمَارِقُ} قال: المرافق.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضًا: {لَّسْتَ عَلَيْهِم بمصيطر} قال: جبار.
{إِلاَّ مَن تولى وكفر} قال حسابه على الله.
وأخرج أبو داود في ناسخه عنه أيضًا: {لَّسْتَ عَلَيْهِم بمسيطر} ثم نسخ ذلك فقال: {فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5] وأخرج ابن المنذر عنه أيضًا: {إِنَّ إِلَيْنَا إيابهم} قال: مرجعهم. اهـ.